الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **
فيه خمسة أبواب أما سن الحيض فأقله استكمال تسع سنين على الصحيح وما رأته قبله دم فساد والثاني بالطعن في أول التاسعة والثالث مضي نصف التاسعة والمراد السنون القمرية على الأوجه كلها وهذا الضبط للتقريب على الأصح فلو كان بين رؤية الدم واستكمال التسع على الصحيح ما لا يسع حيضا وطهرا كان ذلك الدم حيضا وإلا فلا وسواء في سن الحيض البلاد الحارة وغيرها على الصحيح وقال الشيخ أبو محمد في الباردة وجهان. قلت الوجه الذي حكاه أبو محمد هو أنه إذا وجد ذلك في البلاد الباردة التي لا يعهد ذلك في مثلها فليس بحيض والله أعلم. وأقل الحيض يوم وليلة على المذهب وعليه التفريع وأكثره خمسة عشر يوما وغالبه ست أو سبع وأقل الطهر بين حيضتين خمسة عشر يوما وغالبه تمام الشهر بعد الحيض ولا حد لأكثره ولو وجدنا امرأة تحيض على الاطراد أقل من يوم وليلة أو أكثر من خمسة عشر أو بطهر أقل من خمسة عشر فثلاثة أوجه الأصح لا عبرة به والثاني يتبعه والثالث إن وافق ذلك مذهب بعض السلف أتبعناه وإلا فلا والأول هو المعتمد وعليه تفريع مسائل الحيض ويدل عليه الاجماع على أنها لو رأت النقاء يوما والدم يوما على الاستمرار لا نجعل كل نقاء طهرا كاملا
ولا يجب عليها قضاء الصلاة ولو أرادت العبور في المسجد فإن خافت تلويثه لعدم إحكامها الشد أو لغلبة الدم حرم العبور عليها ولا يختص هذا بها بل المستحاضة والسلس ومن به جراحة نضاخة يحرم عليهم العبور إذا خافوا التلويث فإن أمنت الحائض التلويث جاز العبور على الصحيح كالجنب ومن عليه نجاسة لا يخاف تلويثها ويحرم عليها الصوم ويجب قضاؤه وهل يقال إنه واجب حال الحيض وجهان. قلت الصحيح الذي عليه المحققون والجماهير أنه ليس واجبا بل يجب القضاء بأمر جديد والله أعلم. وأما الاستمتاع بالحائض فضربان أحدهما الجماع في الفرج فيحرم ويبقى تحريمه إلى أن ينقطع الحيض وتغتسل أو تتيمم عند عجزها عن الغسل فلو لم تجد ماء ولا ترابا صلت الفريضة وحرم وطؤها على الصحيح ومتى جامع في الحيض متعمدا عالما بالتحريم فقولان المشهور الجديد لا غرم عليه بل يستغفر الله ويتوب لكن يستحب أن يتصدق بدينار إن جامع في إقبال الدم أو بنصف دينار إن جامع في إدباره والقديم يلزمه غرامة وفيها قولان المشهور منهما ما قدمنا استحبابه في الجديد والثاني عتق رقبة بكل حال ثم الدينار الواجب أو المستحب مثقال الاسلام من الذهب الخالص يصرف إلى الفقراء والمساكين ويجوز صرفه إلى واحد وعلى قول الوجوب يجب على الزوج دون الزوجة وفي المراد بإقبال الدم وإدباره وجهان الصحيح المعروف أن إقباله أوله وشدته وإدباره ضعفه وقربه من الانقطاع والثاني قول الاستاذ أبي إسحق الإسفراييني إقباله ما لم ينقطع وإدباره إذا انقطع ولم تغتسل أما إذا وطئها ناسيا أو جاهلا التحريم أو الحيض فلا شيء عليه قطعا وقيل يجيء وجه على القديم أنه يجب الغرم. الضرب الثاني الاستمتاع بغير الجماع وهو نوعان أحدهما الاستمتاع بما بين السرة والركبة والأصح المنصوص أنه حرام والثاني لا يحرم والثالث إن أمن على نفسه التعدي إلى الفرج لورع أو لقلة شهوة لم يحرم وإلا حرم وحكي القاضي قولا قديما. النوع الثاني ما فوق السرة وتحت الركبة وهو جائز أصابه دم الحيض أم لم يصبه وفي وجه شاذ يحرم الاستمتاع بالموضع المتلطخ بالدم ومن أحكام الحيض أنه يجب الغسل منه عند انقطاعه وأنه يمنع صحة الطهارة ما دام الدم مستمرا إلا الأغسال المشروعة لما لا يفتقر إلى طهارة كالاحرام والوقوف فإنها تستحب للحائض وإذا قلنا بالضعيف إن الحائض تقرأ القرآن فلها أن تغتسل إذا أجنبت لتقرأ ومن أحكام الحيض أنه يوجب البلوغ وتتعلق به العدة والاستبراء ويكون الطلاق فيه بدعيا وحكم النفاس حكم الحيض إلا في إيجاب البلوغ وما بعده. قلت ومن أحكامه منع وجوب طواف الوداع ومنع قطع التتابع في صوم الكفارة وقول الرافعي وحكم النفاس حكم الحيض إلا في إيجاب البلوغ وما بعده يقتضي أن لا يكون الطلاق فيه بدعيا وليس كذلك بل هو بدعي لأن المعنى المقتضي بدعيته في الحيض موجود فيه وقد صرح الرافعي أيضاً في كتاب الطلاق بكونه بدعيا والله أعلم. وإذا انقطع الحيض ارتفع تحريم الصوم وإن لم تغتسل وكذا الطلاق وسقوط قضاء الصلاة بخلاف الاستمتاع وما يفتقر إلى الطهارة. قلت ومما يزول بانقطاع الحيض تحريم العبور في المسجد إذا قلنا بتحريمه في زمن الحيض ولنا وجه شاذ في الحاوي والنهاية أنه لا يزول تحريمه وليس بشيء والله أعلم.
الاستحاضة: قد تطلق على كل دم تراه المرأة غير دم الحيض والنفاس سواء اتصل بالحيض المجاوز أكثره أم لم يتصل كالذي تراه لسبع سنين مثلا وقد تطلق على المتصل به خاصة ويسمى غيره دم فساد ولا تختلف الأحكام في جميع ذلك والخارج حدث دائم كسلس البول فلا يمنع الصلاة والصوم ويجوز وطؤها وإنما أثر الحدث الدائم الاحتياط في الطهارة وإزالة النجاسة فتغسل المستحاضة فرجها قبل الوضوء أو التيمم وتحشوه بقطنة أو خرقة دفعا للنجاسة وتقليلا. فإن اندفع به الدم وإلا شدت مع ذلك خرقة في وسطها وتلجمت بأخرى مشقوقة الطرفين فكل هذا واجب إلا أن تتأذى بالشد أو تكون صائمة فتترك الحشو وتقتصر على الشد وسلس البول يدخل قطنة في إحليله فإن انقطع وإلا عصب مع ذلك رأس الذكر ثم تتوضأ المستحاضة بعد الاحتياط الذي ذكرناه ويلزمها تقديم هذا الاحتياط على الوضوء ويجب الوضوء لكل فريضة ولها ما شاءت من النوافل بعد الفريضة ويجب أن تكون طهارتها بعد الوقت على الصحيح وفي وجه شاذ تجزئها الطهارة قبل الوقت إذا انطبق آخرها على أول الوقت وينبغي لها أن تبادر بالصلاة عقب طهارتها فإن تطهرت في أول الوقت وصلت في آخره أو بعده فإن كان تأخيرها لسبب الصلاة كالأذان والاجتهاد في القبلة وستر العورة وانتظار الجمعة والجماعة ونحوها لم يضر وإلا فثلاثة أوجه الصحيح المنع والثاني الجواز والثالث الجواز ما لم يخرج الوقت أما تجديد غسل الفرج وحشوه وشده لكل فريضة فإن زالت العصابة عن موضعها زوالا له وقع أو ظهر الدم في جوانبها وجب التجديد وإن لم تزل ولا ظهر الدم أو زالت زوالا يسيرا وجب التجديد على الأصح وقيل الأظهر كما يجب تجديد الوضوء ويجري الخلاف فيما لو أحدثت بريح ونحوه قبل أن تصلي فلو بالت وجب التجديد قطعاً. ولو خرج منها الدم بعد الشد لغلبة الدم لم يبطل وضوؤها وإن كان لتقصيرها في الشد بطل وكذا لو زالت العصابة عن موضعها لضعف الشد وزاد خروج الدم بسببه فلو اتفق ذلك في صلاة بطلت وإن كان بعد فريضة حرم النفل بعدها. فرع طهارة المستحاضة تبطل بالشفاء وفي وجه شاذ لو اتصل الشفاء بآخر الوضوء لم يبطل وليس بشيء ولو شفيت في صلاة بطلت على المذهب ومتى انقطع دمها وهي تعتاد الانقطاع والعود أو لا تعتاده لكن أخبرها به من يعتمد من أهل البصر نظر إن كانت مدة الانقطاع يسيرة لاتسع الطهارة والصلاة التي تطهرت لها فلها الشروع في الصلاة فلو امتد الانقطاع بان بطلان الطهارة ووجب قضاء الصلاة وإن كانت مدة الانقطاع تسع الطهارة والصلاة لزمها إعادة الوضوء بعد الانقطاع فلو عاد الدم على خلاف العادة قبل الإمكان لم يجب إعادة الوضوء على الأصح لكن لو شرعت في الصلاة بعد هذا الانقطاع ولم تعد الوضوء فعاد الدم قبل الفراغ وجب إعادة الصلاة على الأصح أما إذا انقطع دمها وهي لا تعتاد الانقطاع والعود ولم يخبرها أهل البصر بالعود فيجب إعادة الوضوء فلو عاد الدم قبل إمكان الوضوء والصلاة فالأصح أن وضوءها السابق يبقى على صحته والثاني يجب إعادته ولو خالفت أمرنا وشرعت في الصلاة من غير إعادة الوضوء بعد الانقطاع فإن لم يعد الدم لم تصح صلاتها لظهور الشفاء وكذا إن عاد بعد مضي إمكان الطهارة والصلاة لتمكنها من الصلاة بلا حدث وكذا إن عاد قبل الإمكان على الأصح لترددها عند الشروع ولو توضأت عند انقطاع دمها وهي لا تدري أنه شفاء أم لا فسبيلها أن تنظر هل تعتاد الانقطاع وتجري على مقتضى الحالين كما بينا. قلت ولنا وجه شاذ أن المستحاضة لا تستبيح النفل بحال وإنما استباحت الفريضة مع الحدث الدائم للضرورة والصواب المعروف أنها تستبيح النوافل مستقلة وتبعا للفريضة ما دام الوقت باقيا وبعده أيضاً على الأصح والمذهب أن طهارتها تبيح الصلاة ولا ترفع الحدث والثاني ترفعه والثالث ترفع الماضي دون المقارن والمستقبل وإذا كان دمها ينقطع في وقت ويسيل في وقت لم يجز أن تصلي وقت سيلانه بل عليها أن تتوضأ وتصلي في وقت انقطاعه إلا أن تخاف فوت الوقت فتتوضأ وتصلي في سيلانه فإن كانت ترجو انقطاعه في آخر الوقت فهل الأفضل أن تعجل الصلاة في أول الوقت أم تؤخرها إلى آخره فيه وجهان مذكوران في التتمة بناء على القولين في مثله في التيمم. قال صاحب التهذيب لو كان سلس البول بحيث لو صلى قائما سال بوله ولو صلى قاعدا استمسك فهل يصلي قائما أم قاعدا وجهان الأصح قاعدا حفظا للطهارة ولا إعادة عليه على
|